جبل رون الجليدي (سويسرا) (رويترز) - يقف اندرياس باودر المتخصص في علوم الجليد على جبل جليدي عند منبع نهر رون بجوار سارية ارتفاعها ثلاثة امتار وسط الجليد ويشير فوق راسه.
ويقول بينما يحفر علماء اخرون وسط الجليد "هذا مقدار الذوبان في شهر واحد تقريبا.. طولي نحو مترين."
من جبال الهيمالايا الى الانديز تتيج الجبال الجليدية التي تذوب بمعدلات اسرع من ذي قبل فرصا قصيرة الاجل ومخاطر طويلة الامد بالنسبة للطاقة الكهرومائية والقطاعين الهندسي والمعماري اللذين تقودهما.
وتلبي الطاقة المائية وهي اوسع مصادر الطاقة المتجددة استخداما على مستوى العالم أكثر من نصف احتياجات سويسرا من الكهرباء غير ان هذه الحصة ربما تتراجع في نهاية الامر في ظل جفاف الطقس في الصيف وانحسار الجبال الجليدية التي تسهم في تشغيل التوربينات عن طريق ذوبان الجليد.
وتتوقع دراسة اجرتها جامعة (اي.بي.اف.ال) الفنية في لوزان ان تتراجع حصة الكهرباء المائية الى 46 في المئة في عام 2035 من نحو 60 في المئة في الوقت الحالي مع تراجع كمية الامطار والتوسع في استخدام الطاقة.
وكما تعتبر الهيمالايا "البرج المائي لاسيا" فان سويسرا منبع لاهم الانهار الاوروبية وتدعم الزراعة والممرات المائية وتبريد محطات الطاقة النووية.
وتتساقط المياه من وسط شقوق وتصدعات في الجليد بينما يشرح باودر الذي يعمل كل عام بين 20 و30 يوما في دراسة الجبال الجليدية لصالح جامعة زوريخ كيف سيختفي جبل رون الجليدي العملاق بحلول نهاية القرن.
ويقول "يمكن للطبيعة ان تتكيف مع الظروف. الناس اكثر حساسية تجاه الظروف الطبيعية."
ويعيش أكثر من مليار نسمة في ارجاء العالم في احواض الانهار التي يغذيها ذوبان الجليد او الجبال الجليدية.
وتنحسر الجبال الجليدية بشكل كبير منذ نهاية العصر الجليدي الصغير في القرن التاسع بصفة خاصة في الهيمالايا حيث تغذي انهارا من بينها نهر ميكونج ويانجتسي وتضمن توفير المياه والكهرباء لاقتصاديات سريعة النمو.
وذكرت لجنة الامم المتحدة للتغيرات المناخية ان نقص المياه اللازمة لتوليد الكهرباء بلغ حدا "حرجا" بالفعل في بوليفيا وبيرو وكولومبيا والاكوادور كما ترى اللجنه ان فقد التراكمات الجليدية في سييرا نيفادا ونهر كولورادو يهدد امدادات المياه في جنوب كاليفورنيا.
وفي اوروبا توفر الطاقة المائية 20 في المئة من الكهرباء ويتوقع ان تنخفض النسبة بحلول عام 2070 وسيكون اكبر انخفاض في حوض البحر المتوسط.
ويشير باودر لارض صخرية بها بحيرات صغيرة عند نهاية الجبل الجليدي ويقول "اتذكر ان الجبل الجليدى كان أكبر كثيرا حين كنت طفلا. كان لسان الجبل الجليدي لا يزال ممتدا لهذه المنطقة الصخرية."
وتمول صناعة الكهرباء المائية السويسرية بحث باودر جزئيا كي يساعدها على تكوين اتجاه طويل المدى بشان مشروعات جديدة في صناعة تمنح تراخيص عادة ما تصل مدتها لنحو قرن.
ومن المخاطر الاخرى التي حددها الباحثون الفيضانات المفاجئة من البحيرات الجليدية التي يرتفع فيها منسوب المياه. وسيزيد الطلب على تكنولوجيا الضخ والسدود في الدول التي تستوعب هذه الحلول.
ويؤكد الخبراء أن التوقعات المبكرة جدا غير مؤكدة الى حد بعيد وبصفة خاصة عند توقع كمية الامطار ويشيرون الى ان بعض المناطق قد تستفيد.
وقالت بيترا دويل الاستاذة في جامعة فرانكفورت وعضو لجنة التغيرات المناخية "مع تغير المناخ ستزيد كمية الامطار التي تهطل على مدار العام في بعض المناطق من العالم."
وتابعت "هذا يعني توليد كمية اكبر من الكهرباء من المياه حتى وان ذابت الجبال الجليدية."
فعلى سبيل المثال من المحتمل ان تسقط كميات اكبر من الامطار والثلوج على النرويج التي تعتمد على الكهرباء المائية بالكامل بسبب تغيرات المناخ حتى مع تراجع الجبال الجليدية.
وفي حالة اختفاء الجبال الجليدية سيكون احد الاثار الرئيسية انخفاض منسوب مياه الانهار في المواسم الجافة حين يكون هناك حاجة لري المحاصيل ويهدد ذلك بصفة خاصة سكان اكبر المناطق المنتجة للارز في الصين والهند.
وقالت دويل ان الدول التي يزيد فيها الطلب على الكهرباء في المواسم الجافة ستعاني من انخفاض منسوب المياه ولكنها اشارت لامكانية استخدام مستودعات الطاقة الكهربائية لتخفيف التأثير الكلي لذوبان الجبال الجليدية على طول مجرى النهر.
وتابعت "تساعد المستودعات في توفير المياه بكميات اكبر على مدار العام ولكن ثمة عددا قليلا من السدود في جنوب شرق اسيا حيث سيكون تأثير ذوبان الجبال الجليدية اكثر خطورة."
من ايما طومسون
No comments:
Post a Comment