Engageya

Saturday, March 13, 2010

هل يستطيع الكوريون العيش بدون انترنت؟

هل يستطيع الكوريون العيش بدون انترنت؟


وصف كوريا الجنوبية بأنها اكثر مجتمعات العالم ارتباطا والتصاقا بالانترنت، وتفخر كوريا بشبكة اتصالاتها المتطورة التي تعتبر الاسرع في العالم اتصالا بالشبكة العنكبوتية.

فماذا يمكن ان يحدث لو قدر لاسرة كورية ان تحرم من خدمة الانترنت لمدة اسبوع كامل؟

بي بي سي طلبت من اسرتين في العاصمة سيؤول ان تتخليا طوعا عن الانترنت لسبعة ايام على سبيل التجربة.

لم يكن امرا هينا ان تطلب من كوريين جنوبيين ان يتخلوا كليا عن ولعهم بالانترنت.

بحثت بحثا مضنيا عن مواطنين في هذه البلاد المولعة بالاتصالات يرغبون - او لا مانع لديهم - من الانقطاع لمدة سبعة ايام عن الانترنت والعيش في عزلة بينما يمضي العالم مسرعا بدونهم.

وقع اختياري على مبنى كوكدونج السكني في مركز سيؤول عسى ان اجد ضالتي.

المبنى السكني هذا يشتمل على اكثر من مئة شقة توفر مساكن صغيرة ولكنها مريحة من النمط الذي يعيش فيه الملايين من الكوريين الجنوبيين.

ولكن كما قلت، فإن مهمة العثور على كوري جنوبي مستعد للتخلي عن الانترنت لم تكن يسيرة. فقد صعدت العديد من السلالم وطرقت العديد من الابواب، وملأت جدران المبنى بالاعلانات المطبوعة طلبا لمتطوعين كما نظمت اجتماعا لسكان المبنى - كل ذلك بلا جدوى.

فبالنسبة للكثيرين من سكان المبنى، لا يمكن حتى تصور العالم بدون انترنت.

لهم الحق في ذلك، فكثير من مناحي الحياة في كوريا الجنوبية اليوم تعتمد اعتمادا كليا على الانترنت. فتلاميذ المدارس على سبيل المثال، يتعين عليهم اعداد واجباتهم المنزلية على حواسيبهم ومن ثم ارسال الواجبات الى اساتذتهم عبر الانترنت. ولذا فالاهل يترددون كثيرا في التخلي عن الانترنت خوفا على مستقبل اولادهم.

كما قال آخرون إنهم يديرون اعمالهم التي تتعلق اصلا بالانترنت من خلال حواسيبهم المنزلية، او يعملون في مجالات اخرى من خلال نفس الطريقة، او بكل بساطة لا يستطيعون مواجهة الحياة بدون ان يتناولوا جرعات منتظمة من الانترنت.

فهم يريدون الاطلاع على الاخبار والآراء والمشاركة في شبكات التواصل الاجتماعي، بشكل آني وفوري ومستمر.

الا اني نجحت في مسعاي في آخر المطاف، حيث تطوعت اسرتان شجاعتان للمشاركة في التجربة رغم علم افرادهما بما سيتطلب ذلك من مشقة وتضحيات.

الاسرة الاولى هي اسرة كيم، وهي اسرة ولوعة لحد الهوس بالانترنت. تشتمل اسرة كيم على الوالد والوالدة وفتيين مراهقين يتمتع احدهما - وهو سيونج-ييون بموهبة في كتابة برامج الكمبيوتر ويقضي لأجل ذلك ست ساعات على الانترنت يوميا.

الاسرة الثانية هي اسرة يانج. بالرغم ان طفلي هذه الاسرة اصغر عمرا، فإنهما لا يقلان ولعا بالانترنت عن ولدي كيم. فمعظم البرامج التلفزيونية التي يشاهدانها تأتي اليهم عن طريق الانترنت.

اما والدتهما جونج-آه فتعترف بأنها تقضي ساعتين يوميا على الاقل في تصفح المواقع الالكترونية المختلفة.

اما وقد عثرنا على ضالتنا، لم يتبق سوى ان نطلب من المهندس سونج الذي يعمل لصالح شركة كوريا تليكوم للاتصالات ان يقطع اتصال الاسرتين بالانترنت.

وفعلا، قام سونج بواجبه خير قيام، إذ خرج من المبنى بعد برهة وجيزة حاملا معه اجهزة الاستلام.

وهكذا بدأت تجربتنا.

واجهت الاسرتان مشاكل عملية فورية. فجونج-آه قالت لي وهي تدفع عربة في السوبرماركت القريب إنها تعودت على التبضع عبر الانترنت، حالها حال معظم الكوريين إذ بلغ حجم تعاملات البيع والشراء على الانترنت في كوريا الجنوبية عام 2008 اكثر من 600 مليار دولار.

ساعدت الحكومة الكورية مساعدة كبيرة في هذا النمو، وذلك من خلال استثمار الاموال في البنية التحتية الرقمية الضرورية علاوة على الجهود التي بذلتها في تقنين مجالات المنافسة وحماية المستهلكين.

كما حولت الدولة الكورية الجنوبية نفسها الى شكل من اشكال المتاجر الالكترونية يتمكن المواطن من خلالها من الوصول الى شتى انواع الخدمات كدفع الضرائب والحصول على اعانات الضمان الاجتماعي.

بمرور الوقت، اخذت قائمة المصاعب والارهاقات تطول. فالسيدة كيم تدير مدونة خاصة بامهات تلاميذ المدرسة التي يحضرها طفلاها، الا انها تضطر الآن - بعد ان انقطعت عن الانترنت - الى مقابلة الامهات الاخريات وجها لوجه.

قالت لي: لم يكن الامر سهلا بالمرة. فكان يسيرا علي ان انظم اجتماعا على سبيل المثال بوضع اعلان على مدونتي، اما الآن فعلي ان اتصل بالعضوات كل على حدة.

كانت هذه الصعوبات متوقعة، ولكن بمرور الايام بدأ افراد الاسرتين يلاحظون تغييرات وردود فعل نفسية ابرزها الشعور بالعزلة التي ادى اليها حرمانهم من مصادر الاخبار.

فقد اظهرت احصائية اجريت في كوريا الجنوبية مؤخرا ان 68 في المئة من الكوريين الجنوبيين يعتمدون على الانترنت في الحصول على الاخبار، بينما لا يعتمد على الصحف المطبوعة في هذا المجال سوى 32 في المئة.

الا ان جميع المشاركين في تجربتنا الصغيرة قالوا ايضا إن لها (التجربة) جوانب ايجابية ايضا. فبعد ان تحرروا من عبوديتهم لحواسيبهم، اكتشفوا انهم بدأوا يقضون المزيد من الوقت بصحبة بعضهم البعض.

ففي منزل اسرة كيم، بدأ المراهقان بالتمرين على عزف البيانو، كما بدأا بقراءة الكتب واعاد اكتشاف الالعاب غير الكمبيوترية.

وعبرت السيدة كيم عن سعادتها من التأثيرات التي بدأت التجربة بتركها على ابنها الاكبر على وجه الخصوص، فللمرة الاولى وجدته وباقي افراد الاسرة يتناولون طعام الافطار سوية في الصباح.

وقالت: يكون سيونج-جون عادة نائما في فراشه وقت الافطار بعد ان يكون قد قضى الجزء الاكبر من الليل مع العاب الانترنت. لقد مضى وقت طويل منذ ان رأيته يقظا في هذا الوقت من الصباح.

ولكن لم يمض وقت طويل قبل ان شارفت تجربتنا على الانتهاء.

عاد المهندس سونج بالاجهزة التي رفعها، وعاد كل شئ الى سابق عهده.

بالطبع، لم تكن مدة سبعة ايام بدون الانترنت معاناة كبيرة جدا، الا انها مع ذلك جاءت ببعض المفاجئات وبينت لجميع المشاركين - باعترافهم - كم انهم اصبحوا يعتمدون على الانترنت في قضاء شتى احتياجاتهم.

فافراد اسرة يانج قالوا إنهم سيغيرون سلوكهم نتيجة هذه التجربة.

وقالت السيدة يانج: كنت اقضي ساعتين او ثلاث بتصفح الانترنت بعد اكمال واجباتي المنزلية. كانت اقضي هذا الوقت منفردة، ولكن خلال هذه التجربة بدات مثلا بشرب الشاي مع الجيران. لذلك سأبدأ بتقليل الوقت الذي اقضيه على الانترنت من الآن فصاعدا.

ولكن هل ادت التجربة الى ان يبدأ اي من افراد الاسرتين بالتفكير في التخلي عن الانترنت كليا؟

يجيب رب اسرة كيم: سؤالك غريب. هل اقبل بأن يقطع التيار الكهربائي عني لاسبوع كامل؟ بل هل اقبل بأن اتخلى عن الانترنت لسبعة ايام اخرى؟ كلا. شكرا. فلا رغبة لي في تكرار ما عانيت منه في الايام السبعة الماضية.


www.ahlawia.com


www.damnhour.com


www.egypt4fun.com


www.egyonair.com

No comments:

Linkwithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...