هز زلزال جديد صباح يوم الاربعاء عاصمة هايتي المدمرة مثيرا ذعر الناجين من زلزال مدمر وقع الاسبوع الماضي والمقيمين في خيام في الشوارع لكنه لم يتسبب في وقوع دمار جديد فيما يبدو.
ودفع الزلزال الجديد الذي بلغت قوته 6.1 درجة وضرب هايتي مع الفجر السكان الى الهروب من المباني وبعيدا عن الجدران في المدينة المدمرة خوفا من تكرار زلزال بلغت شدته سبع درجات وأودى بحياة عشرات الالاف قبل ثمانية أيام.
وقال لنيس باتيست الذي يقيم في خيمة في العراء على أرض عشبية "كان الشعور بالزلزال قويا حقا. فكل تابع للزلزال يكون مخيفا. شعرنا به هنا (فيما أشار الى معدته) لانه بعد زلزال الثلاثاء لا يمكن أبدا معرفة مدى القوة التي يمكن أن يكون عليها (الزلزال)."
وقالت هيئة المسح الجيولوجي الامريكية ان الهزة يوم الاربعاء كان مركزها على بعد 60 كيلومترا غرب - جنوب غربي بورت أو برينس.
وينام سكان بورت أو برنس البائسين والجوعى في الشوارع منذ الزلزال الذي وقع في 12 يناير كانون الثاني اما لان بيوتهم دمرت أو خوفا من توابع الزلزال.
وقال فيكتور جان روسيني (24 عاما) طالب الحقوق الذي يعيش في الشارع في ضاحية بتيونفيل "الامور بدأت تهتز. كنا خائفين حقا. الناس خرجت للشوارع." وتابع قائلا "لا شيء لدينا هنا.. حتى المياه."
وخفت المخاوف من اندلاع اعمال عنف ونهب في هايتي في الوقت الذي امنت فيه القوات الامريكية امدادات المياه والطعام واستمع الاف من الهايتيين المشردين لنداء الحكومة بالسعى الى مأوى خارج العاصمة بورت او برنس.
وأعلن مسؤولو الاغاثة بالامم المتحدة بعد اسبوع من الزلزال الذي بلغت قوته سبع درجات ان الرعاية الطبية ودفن الجثث وتوفير المأوى والماء والطعام والصرف الصحي مازالت هي اولويات العمليات الدولية.
وهبطت طائرات هليكوبتر أمريكية من طراز بلاك هوك في فناء قصر الرئاسة المدمر بهايتي امس الثلاثاء وقامت بنشر جنود وامدادات مما ادى على الفور الى اجتذاب حشود من الناجين للحصول على مساعدات غذائية.
وقال وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس أثناء زيارة للهند "بدأ توصيل الامدادات للناس" معبرا عن أمله في أن يمنع وجود الجنود أعمال العنف.
واضاف "هناك قلق من أنه اذا لم نكن قادرين على توصيل امدادات مهمة فان الناس ستلجأ الى الجريمة والعنف ليأسهم." وتابع قائلا "لحسن الحظ أننا لم نر ذلك يحدث وأرجو مع خروج هذه الشاحنات الى الطرق وعليها الامدادات وعندما ترى الناس الدوريات أن يمنع ذلك حدوث أي أعمال عنف كبيرة."
وعلى الرغم من ان الحراسة العسكرية مازالت لازمة لتوصيل امدادت الاغاثة قالت الامم المتحدة ان المشكلات الامنية موجودة بشكل اساسي في المناطق التي كانت تعتبر "خطرا كبيرا" قبل الزلزال. وفر نحو أربعة الاف مجرم من سجون دمرت بعد الزلزال.
وقال مسؤول تنسيق الشؤون الانسانية بالامم المتحدة "الوضع الامني بوجه عام في بورت او برنس مازال مستقرا مع وقوع اعمال عنف ونهب محدودة ومحلية."
وتم نشر نحو 12 الف عسكري امريكي على الارض في هايتي وعلى سفن قبالة الشاطيء او في طريقهم الى هايتي بما في ذلك السفينة المستشفى الامريكية (كومفورت) والتي من المقرر ان تصل الى المنطقة يوم الاربعاء.
واتهم بالفعل زعيم واحد على الاقل من زعماء امريكا اللاتينية وهو الرئيس الفنزويلي الاشتراكي هوجو تشافيز واشنطن "باحتلال" هايتي بذريعة القيام بعملية مساعدة.
ولكن رئيس هايتي رينيه بريفال قال ان القوات الامريكية ستساعد قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة على حفظ النظام.
وفي محاولة للتعجيل بوصول المساعدات ووقف النهب والعنف وافق مجلس الامن الدولي بالاجماع هذا الاسبوع على ان يضيف بشكل مؤقت الفي جندي و1500 شرطي لبعثة حفظ السلام في هايتي والتي تضم تسعة الاف فرد.
وقالت الامم المتحدة ان برنامج الاغذية العالمي الذي يطعم 200 الف من ضحايا الزلزال يهدف الى نقل ما يعادل عشرة ملايين وجبة جاهزة خلال الاسبوع المقبل. وتقوم جماعات اغاثة اخرى باطعام 130 الف شخص اخرين.
ووصل الجنود الى بلدات اخرى مدمرة خارج العاصمة منها ليوجان في الغرب وجاكميل على الساحل الجنوبي لحراسة نقاط توزيع المساعدات الغذائية هناك.
وفي ليوجان حيث مركز الزلزال المدمر حال نقص المنشات الطبية المتقدمة دون اجراء عمليات جراحية لكثير من المصابين بجروح خطيرة.
وقال جويل بويبرون وهو يشاهد الطائرات العسكرية الامريكية تسقط الامدادات الغذائية " المستشفيات هنا كانت تعمل بالكاد حتى قبل هذه المأساة." واستطرد قائلا "لكم أن تتصوروا ما أصبح عليه الوضع الان."
وشكت منظمة اطباء بلا حدود من ان طائرة شحن تابعة لها كانت تحمل 12 طنا من المساعدات الطبية لم يسمح لها بالهبوط في مطار بورت او برنس المزدحم لثلاث مرات منذ يوم الاحد االماضي وتوفي خمسة مرضى بسبب نفص الامدادات التي تحملها الطائرات.
وقالت لوريس دو فيليبي منسقة الطوارئ في مستشفى شوسكال التابع للمنظمة في سيتي سولاي "اضطررنا لشراء منشار من السوق للاستمرار في عمليات بتر الاطراف."
وقالت المنظمة الانسانية التي تتخذ من باريس مقرا لها ان الحاجة ملحة لادوية ضرورية للشفاء بعد العمليات الجراحية وللمعدات طبية.
ويقول المسؤولون في هايتي ان من المرجح ان يتراوح عدد قتلى الزلزال ما بين 100 الف و200 الف وانه تم بالفعل دفن 75 الف جثة في مقابر جماعية.
وحتى الان لم تظهر الامراض المعدية التي توجد مخاوف من انتشارها على الرغم من ان جرحى كثيرين يواجهون تهديدات مباشرة بالاصابة بالتيتانوس والغرغرينا كما ان المستشفيات اصبحت مكدسة.
وقالت منظمة الصحة العالمية ان 13 مستشفى على الاقل تعمل في منطقة بورت او برنس وانها بصدد احضار امدادات طبية لمعالجة 120 الف شخص خلال الشهر المقبل.
وقالت مارجريت أجواير من المنظمة الطبية الدولية التي ساعد العاملون فيها في اجراء 150 جراحة لبتر اعضاء "لم نتجاوز مرحلة الطواريء بعد لكننا بدأنا نبحث الاوضاع في المدى البعيد."
وقالت "توجد مخاطر انتشار امراض الكوليرا والتيتانوس وهناك حاجة كبيرة لتوفير وحدات طبية متنقلة."
وفي هايتي حيث تشيع أمراض الايدز والسل والملاريا يعاني الاطفال من سوء التغذية وتمثل أساليب الحفاظ على الصحة العامة تحديا بالفعل. وأضاف الزلزال على ذلك أمراضا معدية وعظاما مكسورة واصابات داخلية وعدة مشاكل صحية أخرى.
وانتشل 52 فريق انقاذ من شتى انحاء العالم نحو 90 شخصا من تحت الانقاض وقام هايتيون ينقبون بين المباني المنهارة بانتشال عدد كبير اخر.
وتأمل هذه الفرق التي تسابق الزمن تكرار معجزة كالتي حدثت عندما انتشلت امرأة مسنة من تحت أنقاض حول الكاتدرائية الوطنية يوم الثلاثاء.
وقال مسؤلو الاغاثة بالامم المتحدة ان الاف الناجين استمعوا لنداء الحكومة بان يتوجهوا لاصدقائهم وعائلاتهم في مناطق اكثر امانا خارج منطقة الزلزال.
ومن بين علامات عودة الحياة الى طبيعتها ظهور البائعين المتجولين في الشوارع لبيع الفاكهة والخضروات على الرغم من ان عشرات الالاف من الناجين مازالوا يطلبون المساعدة كما ان امدادات المواد الاساسية نادرة ومكلفة.
وعلى الرغم من عدم اعادة فتح البنوك المحلية المدمرة قالت الامم المتحدة انه توجد خطط لديها لفتح ما بين 30 و40 نقطة توزيع كي يتسنى للناس الوصول الى حساباتهم.
وتضاعفت أسعار الوقود وكانت هناك طوابير من السيارات والدراجات البخارية وأناس يحملون أوعية بلاستيكية خارج محطات الوقود. وقامت شرطة هايتي بحراسة بعض المحطات.
ويخطط برنامج الاغذية العالمي لاتاحة 40 ألف لتر من السولار يوميا من جمهورية الدومنيكان المجاورة.
ووعد زعماء العالم بامدادات هائلة لاعادة بناء هايتي وناشد بريفال المانحين عدم التركيز فقط على المساعدات العاجلة وانما أيضا على التنمية طويلة الاجل للدولة التي تعد من بين الدول الاكثر فقرا في نصف الكرة الغربي.
وشارك بيل كلينتون الرئيس الامريكي الاسبق ومبعوث الامم المتحدة الخاص الى هايتي بنفسه في جهود توصيل المساعدات يوم الاثنين عندما ساهم في انزال زجاجات مياه من طائرة بعد هبوطها في بورت أو برنس.
كما تفقد كلينتون مستشفى يعاني من نقص الامدادات وقال "ما تمكن أبناء هايتي من فعله أمر مدهش اذ أجروا عمليات جراحية اثناء الليل ... دون تخدير وباستخدام الفودكا لتعقيم المعدات."
وتعهد زعماء العالم بكميات ضخمة من المساعدات لاعادة اعمار هايتي التي سأل ناجون منها الامين العام للامم المتحدة يوم الاحد الماضي "أين الطعام.. أين المساعدات.."
من كاترين بريمر وجوزيف جايلر دلفا
No comments:
Post a Comment